عبدالنبي النديم يكتب:  إبراهيم عيسى .. «دعوة مسمومة ورفع علم المثليين»

عبدالنبي النديم
عبدالنبي النديم

دعوة مسمومة بطريقة «دس السم فى العسل», وقيء لا يتحمل رائحته بشر، والمجتمع المصرى خلال الأيام الراهنة في غنى عن إثارة مثل هذه القضايا المحسومة دينيا ومجتمعيا وأخلاقيا ومنبوذة إنسانيا، حيث يعانى المصريين من مرارة تفشي المرض الأكثر مرارة منها وهو الأرهاب، بعد أن حصد الحادث الإرهابي الغاشم أرواح أبنائنا الشهداء من القوات المسلحة في سيناء.
ففى برنامجه على قناة الحرة الأمريكية، الذي افتقد إلى الموضوعية والحيادية، وإنحاز إلى جانب من القضية، خرج علينا المثير للجدل والطامح دائما إلى ركوب التريند إبراهيم عيسى، ليطلق بوقا من مزامير الشيطان الأمريكى، متناولا فى برنامجه «مختلف عليه»، في حلقة مشبوهة موضوع الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية، محاولا تلطيف جرمها وتحويلها إلى قضية حقوقية، يبث من خلالها التشويش على فكر المواطن، ضاربا عرض الحائط بكل الآيات القرانية والأحكام الشرعية التى تدين ارتكاب معصية «اللواط»، محاولا زحزحتها إلى قضية حقوقية، داعيا من خلال أسئلته المبهمة لضيوفه، إلى الدفاع عن حقوق المثليين، محاولا إثباتها تاريخيا فى المجتمعات الإسلامية وانتشارها فى أمهات الكتب الأسلامية على مر العصور، ووصم الكثير من الشعراء والعلماء من المسلمين بارتكاب هذه الفاحشة «وكأنه كان معهم»، محاولا تحويل مسار الجريمة إلى مرض أو اعتبارها أمر جيني قد خُلق مع المثلي لا يد له فيه وليس إنحرافا خلقيا.
حاول عيسى أن يؤكد أن المنحوتات والمدونات على مر العصور وثقت للمثلية، وأخذ يسرد تاريخ الشذوذ على مر التاريخ، واصفا كبار الشعراء والقضاة المشهوريين بممارسة اللواط، مؤكدا أن التشريع الدينى غائب فى هذا السياق، مؤكدا أن كل الخلفاء والخلافات شهدت التفلت والإنفلات، وخص الأمراء وكافة الطبقات فى الدول المتعاقبة بإرتكاب المثلية بشقيها اللواط والسحاق، حتى أن الجاحظ قال أن الجارية ذات الحسن إذا وصفت بالحسن شبهت بالغلام وقيل عنها غلامية، وتلبس لبس الغلامان، مبررا ذلك بعدة مبررات مطلقا العنان للمستمع أن يختار من بين هذه المبررات ليحل الشذوذ من العقاب الديني الذى يواجه المثلية بالعنف والشدة، وان هذا سائدا حتى قريب، ويمط عيسى الكلمة ليؤكد على وجودية اللواط ويجب الإعتراف به قائلا «حتى قريييييييييييب».
واستعان عيسى فى برنامجه بالمدافعين عن المثليين فى مختلف قارات العالم، فبدأ مع كاتبة تونسية تدافع بقوة عن المثليين، ثم تحدث مع حمدان مدعيا أنه ناشط بمجتمع الميم، وقام بأخفاء وجهه على الشاشة، ثم مع رشا يونس الناشطة من هيومين رايتس ووتش من برلين، ثم تواصل مع أبانوب إلياس من النشطاء المثليين فى تورنيتو بكندا، الذى أعلن الكارثة خلفه، حيث قام برفع علم المثليين الشواذ خلفه خلال المحادثة، ولم يعترض إبراهيم عيسى على ظهور علم المثليين خلف ضيفه، وإن كان لا يعلم بهوية علم المثليين فالمصيبة أعظم.
وأتعجب أشد العجب من موقف العيسى، فهو يقول الشئ وضده، ويغيير مواقفه كما يغيير حمالاته، فخلال شهر ديسمبر الماضى هاجم خلال تعليق ببرنامج «حديث القاهرة» على قناة القاهرة والناس، إحدى المنصات، قائلاً: إن ترويج شبكة الدراما للمثلية واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى أدلة، فضلا عن أن الشبكة لها أجندة بنفس دعائي لإسرائيل والموساد بشكل خاصة.
وهاجم بشدة المنصة الدرامية المشهورة لعرضها الأفلام والمسلسلات التي تدعو للمثليه والشذوذ, قائلا: أن المثلية الجنسية تظهر فى مسلسلات ودراما ووثائقيات الشبكة الدرامية متاحة ومباحة، فهذه المنصة "لا يمكن مقاومتها، وأصبحت قدرا، وتساءل، ماذا نفعل تجاه أطفالنا وعلاقتهم بهذه المنصة، فهناك أجندة واضحة لهذه الشبكة الدرامية في «المثلية»، فالمنصة تبدو أنها ناشطة وداعية للمثلية، فليس هناك فيلما أو عملا يخلو من مشهد أو علاقة مثلية كأنه شرط فى الاتفاق فى العمل، ففى أمريكا 4.5 % مثليين فى أمريكا، ولكن هذه المنصة الدرامية تضخم للفكرة، مؤكدا أن الأعمال الرديئة للشبكة أكثر من الأعمال الجيدة كما أنها تملك أجندة سياسية وثقافية لابد من دراستها والوقوف أمامها، قائلا: « .... المنصة تملك أجندة سياسية وثقافية واضحة من تمرير فكرة المثلية والدعوة إليها».
وحاول عيسي الدفاع عن وجود الشواذ والمثليين بشتى الطرق، فى مختلف العصور والمجتمعات، الشرقية والغربية، وأن هناك تصالح فى المجتمعات الغربية فى أوروبا وأمريكا بين الدين ومثلى الجنس، وأن هناك بعض رجال الدين أعلنوا عن ميولهم لمثلي الجنس، كما أن هناك من عارضوا هذه الظاهرة، وأن الحديث عن الظاهرة اشتد وزاد ومؤرق، ولا يمكن تجاهله، هناك أصوات تتحدث وهناك أعمال أدبية وفكرية وفنية تكتب، فالأمر لم يعد شيئا عاديا، وهناك حالة من الصمت والآن يطرح نفسه، وكل هذا الكلام يصل للثقافة العربية، من هنا جاءت كيف نتعامل مع هذه الظاهرة من قبل الثقافة الاسلامية.
وأعد تقرير عن المثلية فى الرواية فى الأدب العربى الحديث تناولته بعض الروايات تبرر وجود هذه الظاهرة، وتناوله بعض الأدباء الذين أشاروا إلى وجود المثلية فى الأدب الحديث، فى أعمال نجيب محفوظ وصنع الله إبراهيم ورؤوف وصفي، وهدى بركات وحنان الشيخ وإلهام منصور الروائية اللبنانية التى أثارت الجدل فى لبنان، وعمارة يعقوبيان لعلاء الأسوانى وإسماعيل ولى الدين ومحمد عبدالنبي، الذين تناولوا عالم الشذوذ، على لسان أحد ضيوفه «نقاد أدبي وكاتب صحفي»، ثم حاور الكاتبة التونسية ألفة يوسف حول وجود المثلية الجنسية فى التاريخ والدين، والتى أكدت على وجود المثلية فى كتب الفقة والتاريخ والأدب، بمختلف المسميات، فهى موجودة فى التاريخ العربى الإسلامى، مدعيه انه لا يوجد حد أو عقاب على ممارسة المثلية، محاولين تثبيت شخصية المثلى فى التاريخ، وتفسر آيات القرآن على هواها مؤكدة أن قوم لوط كانوا يغتصبون الغلمان والضيوف فقط، ولم يمارسوا اللواط، ومثلية آل لوط كانت قائمة على الإكراه والإغتصاب والعنف فقط، وتتدعى أنه لا يعد جريمة دينية أو جنائية إذا كان بالتراضي بين الأنثيين أوالذكريين ، مطالبة التعامل بالرقة والتعاطف مع المخنثين والمثليين، وتتدعى أن هناك شناعة فى التعامل مع المثليين، وان الاحاديث ضعيفة وهدفها تعظيم الجرم، والهدف تصدير صورة مفزعة عن الدين الإسلامي، وأن التعامل بعنف لن يؤدى لنتيجة، وأن الميولات الجنسية لا واعية بعيدا عن العبادات. 
ثم استضاف أحد النشطاء فى الدفاع عن المثلية ويدعى حمدان أخفى وجهه عن الشاشة ويدعي أنه ناشط بمجتمع الميم، أن المنتج دينى واحد مر عليه آلاف السنين ، وهناك عدم سماع لأصوات المثليين ومطالبهم للحقوق والحريات والخطاب الدينى العنصرى الذى يقدم الشذوذ الجنسي من الأمراض الأنسانية، وكان هناك تحريض من الشيوخ ضد المثليين، وأن ليس هناك استعداد لمناقشة المثليين، لأن عندهم تفسيراتهم، المثليين يبحثون عن جذر دينى لهم وطوال السنوات الأخيرة المثليين عندهم أسئلة يبحثون عن اجابات ليس من السلطة الدينية فقط، ولكن من المجتمع، ويبحثون عن تفسيرات عن قوم لوط، ومفيش حوار معهم، وهناك صراع دينى لدى المثليين ولا بد أن يكون هناك نتيجة، ويطالبون بعدم إقصاء المثلى، والإستماع إليهم ليمارسوا حقوقهم الجنسية بدون نبذ من الدين والمجتمع، فهذا من رقة الدين، ولا بد من إدخالها فى السياق الدينى لكى يرتاح المثليين.
واللغز الذى يذهب بتفكيرنا بعيدا عن هوية عيسى الآن ، وإلى أي فريق ينتمى، أنه لم يستضيف أحد العلماء فى الفقة، واستعان بفيديوهات لعلماء على اليوتيوب، الذى فرق بين المخنث الذين خلقوا هكذا، ولكن الشاذ فهو شذوذ وانحراف عن السلوك السوي، وليسوا معذوريين وليس هناك جينات ولكنه إنحراف عن الفطرة، وحاول عيسي أن يحرف رأى الدين والعلم ويخلط بين الشاذ والمخنث، ليفتى عيسي أن «العلاقة لو كانت بالتراضى فميش مشكلة».. ولكن «لو كانت بعدم التراضى والإجبار فتمثل جريمة»، وأن ردع وعنف الدين وكانه لا يريد حلا للمثليين. 
ورد عالم آخر أن الزواج المثلى فى بعض الدول الغربية والعياذ بالله ، عذابه أن يلقى من جبل صعود فى النار ثم تعاد الكرة به ، وفى الدنيا يلقى من أعلى برج فى المدينة وهذا حكم الفقه.
وعلق عيسى أيضا انه لا يوجد منطق فى الحكم، والتجريم ليس من خلال الحلول، وهل الدين يطرح حلا وهذا سؤال مهم، يقدم تجريم أه وتحريم آه.. ولكن ما الحل.
ثم استضاف رشا يونس الناشطة من هيومين رايتس ووتش المشبوهه، التى أكدت أن هناك معاناة يعانيها المثليين، وهناك ممارسة عنف ضد المثليين بدلا من توفير الحماية لهم، وهناك نضال لحقوق المثليين، ونحن أمام نشطاء للدفاع عن حقوق المثليين للعيش بدون مضايقات، ولا بد من إلقاء الضوء على حالة المثليين، ونطالب بدعم هؤلاء الأشخاص من الدولة والأشخاص والعائلة ولا بد من تغيير الأفكار تجاههم.
ثم استضاف العيسى هذا أبانوب إلياس من النشطاء المثليين فى تورنيتو بكندا، والذى تباهى برفع علم المثليين خلفه خلال اللقاء، وظهر على الشاشة، ولم يعلق عيسى على تعليق علم الشواذ خلف ضيفه، وسمح  بعرض العلم كإعتراف ضمنى من منه إلى أى جانب ينتمى، الذى قال ان الخطاب الدينى متغيير بمرور الزمن، ولا بد من مناقشة المثليين فى الدين، وان هناك تفهم من البعض على حقوق المثليين، ليؤكد عيسى على لسان ضيفه أن المثلى متدين ويبحث فى أمور دينه مثله مثل باقى المسلمين.
هنا إنتهى برنامج عيسى على القناة المشبوهة، وبرنامجه الذى يشير إلى أتجاهات وأجندات متغايرة يتبعها عيسى من خلال نافذته من القناة الأمريكية الموجهه للعالم العربي، ليواصل عيسى هذيانه وإفتاءه فى الدين بغير علم، فكل ضيوفه من الشواذ والمؤيديين للشواذ، ولم يستطع استضافة عالم دين أو أزهرى ليحقق التوازن فى برنامجه، ولكن كان البرنامج فى إتجاه واحد«متفق عليه» وليس «مختلف عليه» لن أفتى فى الدين وأسرد الأحكام الشرعية، لأن كل مواطن مسلم أو مسيحى يعلم جسامة الجرم الذى تدافع عنه.